حتى فترة قريبة كان الظن بأن فيروس الانفلونزا الإسباني الذي سبب وفاه بين ٥٠ و ١٠٠ مليون انسان بعد الحرب العالمية الأولى كان فيروس عدواني جدا و ذو فوعة فتاكة لدرجه غير مألوفة حتى سبب هذه الكوارث. الدراسات الحديثة اثبتت أن هذه الفيروس لا يختلف بضراوته عن فيروس الانفلونزا الحالي أبدا . اذا ما سبب هذه المقتلة. ليس الفيروس بل ضعف مناعة البشر بعد الحرب و السبب الاهم من ذلك كان العدوى الثانويه ببكتريا تسمي المكورات الرئوية( streptococcus pneumonia ).
في انفلونزا H1N1 عام 2009 كان الربط بين أسباب الوفاه والعدوى الثانويه واضح في الدراسات العلمية.
ما معنى العدوى الثانويه ( والتي قد تكون بكتيرية، فطرية، طفيلية)
الفيروسات المختلفة والتي تصيب الجهاز التنفسي خاصة عندما تدخل الجسم و تغزوه غالبا ما تتصدى لها مناعة الجسم بكفاءة عالية. ولكن أحيانا تستطيع الفيروسات خطف جهاز المناعة وإشغاله لدرجه كبيرة.
يوجد بكتريا مختلفه و حتى بعضها متواجدة في اجسامنا بالأحوال الطبيعية ولكنها تحت سيطرة أجهزتنا المناعية لا تتجرأ على فعل أي شئ خوفا من سطوته.
عندما يدخل الفيروس الجهاز التنفسي فإنه أحيانا يسبب مشكلتين.
اولا . يسبب الفيروس انسلاخ الأهداب الموجودة على خلايا الجهاز التنفسي والتي تعتبر خط دفاع تساهم مع المواد المفرزة إلى طرد العوامل الدخيلة إليه عن طريق العطاس و السعال والقشع. مما يسبب تعري هذه الخلايا و تصبح في مواجهة مباشرة مع أي عدو.
ثانيا. يسبب الفيروس إشغال جهازنا المناعي لدرجة أن تجد البكتريا الانتهازية الفرصة متاحة لشن هجوم واسع تستطيع من خلاله اقتحام الجسم مسببة التهابات شديدة قيحية.
قد تصل الأمور الي انتشار العدوى في الجسم كاملا وحدوث الإنتانsepsis و الذي يرافقه ارتفاع حرارة و ارتفاع ضربات القلب و تواتر التنفس وغيرها من الاعراض.
الانتان هذا تم ذكره في كثير من الدراسات في حالات الإصابات الفيروسية للجهاز التنفسي كما في حالات الأنفلونزا و فيروسات الزكام، و كورونا، كما في فيروسات اخري مثل حمى الضنك و غيرها...
الانتان قد يكون شديد وحتى يصل لمرحلة صدمة انتانية septic shock و التي يرافقها انخفاض شديد في ضغط الدم و حدوث خثرات دموية منتشرة بالحسم تسبب انسدادات في الأوعية الدمويه الصغيرة و قلة تروية بالاعضاء تنتهي بحدوث فشل في الأعضاء
الحالة هذه احد أكثر عشرة أسباب للوفاه في أمريكا وتسبب موت أكثر من ٢٥٠ الف سنويأ في أمريكا.
هناك ما يسمى العدوى المرتبطة بالمستشفيات و التى تحدث بحاله طالت فترة البقاء في المشفى أكثر من 48 ساعة و خاصة بحالات استخدام التنفس الصناعي.
في دراسة صينية فإن أكثر من نصف اللذين توفوا في Covid 19 و شملتهم الدراسه كانوا قد أصيبوا بعدوى ثانوية.
ما بين ٧٤% وحتى ٩٠% من حالات كورونا الشديدة في الصين واوربا وحسب الدراسات العلميه تم استخدام مضادات حيوية فيها نتيجة الإصابات بعدوى بكتيرية ثانوية . و المشكلة الكبرى هو عندما تكون هذه البكتريا مقاومة للمضدات الحيوية مما يزيد المشكلة سوء.
ملاحظة لا تستخدم المضادات الحيوية الا في حال التأكد من وجود عدوى ثانوية جرثومية
اذا المضادات الحيوية وادخالها في بروتوكولات العلاج للحالات الشديدة من كورونا شئ لايغفل عنه الاطباء نهائيا.
مقال للدكتور عروة محمد هاني الملي
باثولوجيا ومناعة حيوية المانيا